الحكاية كلها شديدة التعقيد - لكنى هنا سأحاول أن أحكيها باختصار شديد - لمن يريد أن يسمع - بما أعلم: فى عالمنا العربى المجيد - لم يعد أحد يعلم على وجه اليقين من هو الخائن ومن هو المصيب منذ كامب ديفيد - لا - بل ربما منذ 1948 - لا - بل أقدم من هذا - منذ 1936 - أو أقدم كثيراً - منذ 1917 - عندما ساهم العرب فى إسقاط الدولة العثمانية من أجل عيون فلوس البترول فى الحجاز بثورة أونطة أسموها الثورة العربية الكبرى... بقيادة العميل البريطانى المزدوج الشهير / لورانس العرب - وباع قادة قبائل الحجاز فلسطين فى مقابل أموال البترول الذى اكتشفه الإنجليز والألمان تحت رمال صحراء الجزيرة العربية منذ أيام الحرب العالمية الأولى - باعوا فلسطين بنص مكتوب وموثق - وباع أهل فلسطين أنفسهم بيوتهم وحقولهم لليهود لأن العرب والفلسطينيون لا يعرفون شيئاً آخر فى الدنيا كلها سوى أموال التجارة - وتصارع الفلسطينيون على عدم إقامة دولة ونظام حكم فى فلسطين بما يضمن لها استقلالها - وأقام الإنحليز إدارة شرق الأردن المصطنعة فى ذات صفقة البترول الحجازى الخليجى واصطنعوا لتلك الإمارة المصطنعة شعباً يناوىء شعب فلسطين ويكون مستقراً للفلسطينين المهاودين المنشقين ويضرب فلسطينى المقاومة منذ انتفاضة 1939 فى القدس وغيرها - وتم السعى لتحويل أكابر مشايخ البترول الخليجى إلى إمراء وهميين تمهيداً لإنشاء دول وهمية متعددة على الخليج الفارسى العربى - أو العربى الفاسى كما تشاء - وكانت مصر وسوريا والعراق يحكمها حكام مهابيل وحكومات عاجزة وجيوشها من الكرتون المقوى بالصمغ العربى الذى يذوب فى الماء مع مرور الوقت وبعض الصبر وتسليحها هو بقايا زبالة أسلحة الحلفاء المضروبة منذ الحرب العالمية الأولى - ولذر الرماد فى العيون قام أولئك الحكام الأشاوس المغاوير المخابيل بشن حرب التأكيد على ضياع فلسطين فى 1948 حتى يتم إعطاء إسرائيل شرعية التفوق العسكرى على البلاد العربية مجتمعة وحتى يتكرس شعور العرب بالهزيمة فى كل خطوة تالية وحتى يتبادلوا فيما بينهم طوال القرن التالى اتهامات مقززة بشأن المتسبب فى الهزيمة فى حرب 1948 المسرحية - ثم جاء جمال عبد الناصر - وقال كلاماً واتخذ تصرفات لم يمكن للغرب بزعامة أمريكا وانجلترا وفرنسا سوى أن يرد عليها بقصم شوكته وشوكة القومية العربية التى تزعمها ولقرون قادمة - فكان العدوان الثلاثى فى نوفمبر 1956 ثم كارثة يونيو 1967 - ثم جمعت مصر بعض ما تبقى لها من قوة فى ظل تردي سكانى رهيب يجعل توازن أقوى دولة يختل - فحاربت مصر وسوريا فى أكتوبر 1973 - فانكسرت الجبهة السورية فى 3 أيام وصمدت الجبهة المصرية لمدة 21 يوماً - ثم جاءت كامب ديفيد حين قرر السادات أن العرب عالم ولاد كلب أوساخ أنجاس لا فائدة ترجى منهم حين طلب من شيوخ البترول 16 مليار دولار من أموال النفط الطافحة لديهم والتى زادت بجنون بفعل الدم المصرى والسورى فى حرب أكتوبر 1973 فقالوا له: ليس لك لدينا سوى نصف مليار - فقال لهم ما معناه: ملعون أبوكم ولاد كلب أوباش غجر... أنا رايح لأمريكا ولإسرائيل شخصياً - فكانت كامب ديفيد - ومن يومها أدركت الشعوب العربية أن الحكمة اليمانية قد أصبحت تتلخص فى أيامنا السوداء هذه فى كلمة واحدة: بع بلدك وشرفك وشوف حاتقبض كام من أمريكا والغرب... وربما من روسيا والصين كمان - وقد كان - فباع كل عربى شرفه وبلده وعرضه وتاريخه ومستقبله - وكان فى صدارة البائعين بعض الفلسطينيين - ثم لحقهم ياسر عرفات شخصياً - ثم جاء صدام حسين بعبطه وهبله المقيم فعمل حرباً لا مبرر لها ضد إيران بواعز أمريكى - ثم باعه العرب - فقال لهم ذات ماقاله السادات وما هو أشد منه ضلالاً - ثم احتل صدام الكويت بتصفيق مجلس الشعب العراقى - فوجب على الغرب تدمير العراق وشنق صدام فى بغداد - فاتخذه بعض المهابيل العرب بطلاً شهيداً - ثم استكمل العرب مشروعهم الوحيد المعتاد وهو الحلم بتحقيق كل المستحيلات دفعة واحدة... فوقعنا فى وهم ثورات الربيع العربى - وتم تجهيز الإخوانجية ومن يماثلهم لركوب الموجة لتدمير مصر وتونس وليبيا واليمن من الداخل بإسم الثورة - والآتى أدهى وأمر- - - - - ففى اعتقادى اننا سوف نرى بأعيننا - قبل أن نموت - مشاهد احتلال القاهرة ودمشق وبيروت وطرابلس وصنعاء كما تم احتلال بغداد - - - - - وسلم لى ع الترماى - - - - - فى عالم عربى جاهل شعوباً وحكاماً - ولا يحصد فى كل يوم سوى ثمار جهله وغيبوبته وعجزه عن الفهم وعن الإدراك وعن الفعل وعن الوحدة فى مواجهة الخطر - - - - - ويستحق كل ما يجرى له بجدارة منقطعة النظير