كان زمان فيه مقولة شائعة تقول أن فلاناً هو (أكثر ملكية من الملك) وهذه المقولة لم تعـُد تـُطلق على الملكيين بالمعنى الحرفى للتعبير – وإنما لتعنى بوجه عام تواجد تابعين ومهللين ومطبلاتيه ومنتفعين من حالة ما أو من مسألة أو من وضع سياسى وعسكرى معين فى كل زمان ومكان – وهؤلاء التابعون هم من نوع (الشماشرجية) و (الأذيال) الذين لا دين لهم ولا مبدأ – ولا شرف ولا عقيدة لهم – فلهم مهمة وحيدة فى الحياة هى التمسح بأمر ما أو مسألة ما أكثر من صاحبها الأصلى المستفيد منها – فهناك صهاينة عرب وصهاينة مصريين مستترين أو على عينك يا تاجر يدافعون عن الصهيونية وعن إسرائيل وكأنهم أشد صهيونية من (بن جوريون) و(جولدا مائيير) و(يهود باراك) و(نيتنياهو) وكل حاخامات إسرائيل المجانين من عتاة الصهاينة وكل أعضاء تلك السلسلة الدموية العنصرية البربرية القذرة من قادة إسرائيل – رجوعاً للخلف إلى (تيودور هرتزل) شخصياّ – منذ مائة عام ويزيد
وقد صادفت أحدهم (وهو للأسف مصرى من المصريين الأنطاع الجبناء الخائنيين لعروبتهم ولمصريتهم ولوطنهم) على الإنترنت منذ شهور حين أنشأت مناقشة ً على موقع (البيت الأبيض) داخل مجموعة (لينكيد إن) الإجتماعية الشهيرة (بعد جريمة إسرائيل الدموية ضد أسطول الحرية فى فجر يوم 31 مايو 2010 فى عرض البحر المتوسط) – وهو أحد مسئولى تشغيل مطاعم فندق (فيرمونت) الشهير على نهاية طريق (صلاح سالم) بالقاهرة - وهذا الشخص الخائن دخل على تلك المناقشة ليقول أنه (يجب علينا عدم مهاجمة لإسرائيل بسبب أى فعل ترتكبه لأن بين مصر وإسرائيل اتفاقية سلام) – فقلت فى عقلى : ياسلام سلم هى الحيطة بتتكلم؟ – ولم أرد علبه بأى شكل مباشر لكن وضعت معلومات عن الطابور الخامس فى مصر منذ عشرينات القرن العشرين
وقد ذكرت قول هذا الخائن لكى أوضح إلى أى مدى إن هذا المصرى الجاهل – الذى يحمل للأسف درجة دكتوراه فى الفندقة من جامعة حلوان – لا تختلط عليه الأمور فحسب لكنه يتعمد أن يكون أشد صهيونية من الصهاينة أنفسهم – وكيف أنه لا يُدرك أى أبعاد القضية خارج إطارها الزمنى الراهن – ولا يريد أن يعرف سوى التحجج الأهبل العبيط باتفاقية السلام – كامب ديفيد - لكى يكسب بعض الدولارات هنا أو هناك كأى جاسوس وكأى خائن وكأى عميل – مهما اختلف موقع قربه أو بعده عن كراسى السلطة والحكم فى مصر – كما أن فى مصر – للأسف – صحفيين وكتاب وظيفتهم الوحيدة هى الدعارة السياسية لغسل عقل الشعب المصرى فى المسألة الإسرائيلية لصالح الصهيونية وهم يتلقون تشجيع النظام ودعمه عياناً بياناً ويوظفون أقلامهم وبرامجهم التلفزيونية فى الدفاع عن إسرائيل ومهاجمة إيران وحزب الله وحماس وكأنهم الأعداء الجدد لمصر، أما إسرائيل عندهم فهى الحبيب الأوحد الباقى لنا على الحجر – كذا
وأظنكم لم تنسوا دور الممثل البارز توفيق الدقن فى أداءه لدور الخائن (حاكم عكا) فى فيلم يوسف شاهين الشهير (الناصر صلاح الدين) حين فتح هذا الخائن بوابات عكا البحرية أمام الفرنجة وألقى سلاح القوات العربية فى البحر لكى تدخل قوات (ريتشارد قلب الأسد) وغيره من الأمراء الصليبيين الأوروبيين إلى فلسطين بلا عناء من ناحية البحر
إن أوقات الهدنة هى أشد أوقات تجنيد الطابور الخامس وخلق حالة من البلبلة الذهنية لتمييع القضايا وتحقيق انتصار العدو علينا دون طلقة رصاص واحدة – وهى أشد أوقات تشويه عقول الشباب وغسل عقول المواطنين وتبديل الأولويات وتصوير الأبيض أسوداً والأسود أبيضاً والتنكر لمبادىء وثوابت الأمة والانقضاض عليهل لتصفيتها من داخل الحدود دون حروب
وفى واقع الحال فلقد كان المطلوب ممن لفقوا لنا (كامب ديفيد) ليس فقط تحييد مصر وعزلها منذ ثلاثة وثلاثين عاماً عن حلبة الصراع ضد الصهاينة وإسرائيل – ولكن كان الأهم – فى خططهم النجسة العميلة الخائنة – هو العمل الدؤوب على تفريغ مصر من الداخل من حالة العداء ضد إسرائيل وتصوير إسرائيل أمام المصريين الجدد على أنها عضو طبيعى فى المنطقة أو – على أقل تقدير – على أنها قدر لا فكاك منه ولا أمل للأمة فى التخلص منه – تماماً كما كان يحدث أوقات الهدنة خلال الحروب الصليبية طوال مائتى عام فى القرون الوسطى – إلى أن قضى الله أمراً كان مفعولاً وخرجت آخر موجة الاحتلال الصليبى (الموجة الثامنة) لوطننا العربى (فى عام 1291 ميلادى – أى فى عام 690 هجرى - أى منذ 719 عاماً ميلادية = 741 عاماً هجرية – أى بعد 104 عاماً ميلادياً أو 107 عاماً هجرياً من استعادة صلاح الدين الأيوبى لبيت المقدس فى فلسطين العربية) لتعود الحملة الإستعمارية الجديدة منذ 62 عاماً ميلادية أى 64 عاماً هجرياً تحت إسمها الجديد : إسرائيل – وعند سقوط القدس قال كبيرهم عند وصوله إلى قبر (صلاح الدين) عام 1948 ميلادية – 1367 هجرية – (ها نحن قد عدنا يا صلاح الدين - لنحتل فلسطين ونخرجكم منها كما أخرجتمونا منها منذ أكثر من سبعة قرون) – وهكذا فإن ترصد الغرب بنا ورغبته المستديمة فى احتلال فلسطين هى أمر مستديم منذ تسعة قرون – وهم لا ينسون التاريخ لكننا نحن – بخيبة حكامنا وخيانتهم وعمالتهم وبخيبة أنظمتنا التعليمية المتخلفة ننساه ولا نعى دروسه على الوجه الصحيح ونبلع الطـُعم بسهولة فائقة تـُدهش العدو قبل الصديق
أود أن أوضح أن (كامب ديفيد) هى مجرد حالة هدنة مؤقته قبل استئناف الصراع مجدداً بالنار والدماء ضد إسرائيل فلا يوجد شىء إسمه السلام مع سارق أرضى وقاتل ولدى وناهب خيرات الله فى وطنى – لا يوجد شىء إسمه (السلام مع إسرائيل) – وإنما هى مجرد هدنة – وعلى هذا الأساس فإن دور القوى الوطنية هو أن تحسن استيعاب ذلك وأن تعمل على إيقاظ الوعى خاصة لدى الشباب – الذى لم يحيا فترة قمة الصراع منذ أربعين أو خمسين عاماً ولا يعرفها سوى عن طريق الإعلام والتعليم وكلاهما فى حالة ترد ٍ مُذهل لم يسبق لها مثيل على الساحتين المصرية والعربية – كما أن دور القوى الوطنية هو كذلك العمل على تفكيك منظومة الطابور الخامس وأفكاره التى يـُراد لها أن تشيع وتتوطن بيننا كأنها أمرٌ عادى لا غبار عليه – وعلى القوى الوطنية مواصلة نشاطها وتوثيقها الممتاز لبطولات جنودنا فى أحلك فترات الترايخ المعاصر مهما بلغ عنف وشراسة وخبث ودهاء ومكر أو عبط وهبالة تيار الغفلة والاستسلام العامل ليل نهار فى قلب ديارنا – ومهما بلغ قدر تيار اليأس الذى أخذ يضرب عقول البعض منا – فكل ذلك إلى زوال – فالصراع ضد إسرائيل ليس فقط صراع حدود وإنما – كما قال قائل يوماً وعن حق – هو صراع وجود لا صراع حدود
فعناصر الخيانة من بين القائميين على الأمر فى الدولة المصرية الذين يعرقلون أن تمول الدولة فيلماً ضخماً أو سلسلة أفلام قصيرة عن بطولات جنود مصر البواسل خلال حرب الاستنزاف 1968 – 1970 وحرب أكتوبر 1973 درءاً لغضب إسرائيل لن يدوموا فى مواقع السلطة ولن يدوم الخونة الذين يحكمون مصر منذ ثلاثين عاماً لصالح إسرائيل – والقطاع الخاص الذى يمارس التطبيع مع إسرائيل والصهيونية بالتجارة والسياحة الإسرائيلية الحرام لن يدوم فى مواقعه أبد الدهر – وجولة الصراع التالية سوف تكنس أولئك وهؤلاء بمكنسة التاريخ – ولن يبق لهم فى القصة النهائية حين تروى بعد قرون سوى كل مشاعر الإحتقار والإدانة بالخيانة والعمالة والاسترزاق على حساب ثوابت الأمة فى أشد فترات التاريخ خلطاً للأوراق وتبديلاً للمواقع وتزييفاً للمبادىء فى نهاية القرن العشرين وبداية القرن الحادى والعشرين – وعل كل حال فإن الناس فى مصر مش هبلة ولا عبيطة للدرجة دى والناس تعلم من هو الخائن ومن هو العميل ومن هو اللص الظريف ومن هو المؤمن المناضل – وتعلم أن مصير الخونة أشد سواداً من الحبر الأسود مهام علت الكراسى ومهما اشتد النفاق ومهما علا المجرمون فى الأرض عـُلواً شديداً – ولحسن الطالع فقد ذكر رب العالمين كل هذا فى القرآن فأعفانا من أن يكون الياس هو نهاية المطاف وعزز إيمان المؤمنين بنصر قريب وحدثنا عن نهاية إسرائيل مهما علت ومهما بغت فى الأرض – والإسرائيليون هم أول من يعلم ذلك ولذا فهم يكرهون القرآن كل تلك الكراهية العمياء لأنه يُطلعهم عل مصيرهم الذى يريدون أن يتحاشوه بمزيد من الجبروت والبغى والعدوان وبخيانة البعض منا كذلك – فإن الله لا يخلف وعده وهم يعملون لكنهم يكابرون ويتكالبون على محاولة طمس الشمس وتزوير الواقع وإهدار المستقبل – ولكن الله قد قـيـّض لهذه الأمة من المؤمنين من يصمد ويوثــّـق ويعمل ويصبر حتى يأتى نصر الله والفتح
وأولئك الخونة العاملون لخدمة مصالح إسرائيل داخل حدودنا لا ينكـِرون – وربما لا يـُريدون أن يعرفوا – أصلاً – أنه خلال خمسة وستين عاماً – بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية فإن أمريكا وفرنسا وروسيا – مثلاً – مازالت تنتج أفلاماً طويلة وقصيرة ووثائقية تمجد بطولات حنودهم – ولو باختراع قصص وروايات لم تحدث أبداً على أرض الواقع – خلال الحرب العظمى الثانية - ضد المانيا النازية واليابان وإيطاليا - دون أن ينطق أحد فى دول المحور السابقة ليقول أن هذا يسىء إلى دول المحور أو إلى السلام العالمى
وأتعشم ألا ينبرى أحدهم ليقول أن الوضع لدينا مختلف لأن أنظمة حكم (دول المحور) قد زالت من الساحة بعد الحرب العالمية الثانية – أما نظام الحكم النازى فى إسرائيل فهو مازال قائماً والصراع لم ينته بإزالة نظام الحكم العنصرى الدموى النازى فى إسرائيل – فنرد عليه الرد البسيط بأن واجينا – والحال هكذا – يقتضى أكثر ويدعونا أكثر لأن ننتج مثل تلك الأفلام وتلك الوثائق لأن عدم زوال سلطة الحكم الغاشم فى إسرائيل حتى الآن هو مدعاة أكثر لأن نستمر فى مغالبة العدو ومكافحته وحربه على الصعيد الثقافى والعلمى والفنى والأدبى والسينمائى ...الخ – وأعتقد أنه لا يجب التوجه نحو هؤلاء الخونة والعملاء من العاملين لمصلحة إسرائيل داخل جهاز حكم الدولة فى مصر وداخل أروقة تجار الخيانة والسياحة الإسرائيلية فى مصر أملاً فى الحصول على تمويل للأفلام عن بطولة جنودنا – فالبدائل الأخرى كثيرة وربما تحت أقدامنا ولكننا قد لا نراها – ولكن ذلك حديث آخر – قد يطول هو الآخر كما أطلت فى هذا التعليق إطالة قد كنت أراها ضرورية فى ظل العتمة المسيطرة الآن على سماء مصر– وأن غداً لناظره قريب وهذه الأمة لن تنسى بطولات جنودها – ولا يحب أن تنسى – ولحسن الحظ فإن هناك رعيل جديد من الشباب الواعى المثقف الذى لا يخدعه ظلام الطريق ولا قطع الكهرباء عن العقول – فعقولهم منيرة بذاتها ولا ينطلى عليها الخداع وهى بالمرصاد لإعداء هذه الأمة مهما طال الزمان ومهما غابت – عن القطيع المخدر وعن القيادات الخائنة – أفاق الغايات النبيلة
يـُـتـبـع بـ مقالات من الصحف – إن كان فى العمر بقية
اشتباكات بين الأمن وآلاف الموظفين أمام مجلس الوزراء - الثلاثاء 26 أكتوبر 2010
تراجع مستوى المعيشة يضع مصر فى المرتبة الـ٨٩ بين ١١٠ دول فى الرفاهية - الأربعاء 27 أكتوبر 2010
«البرادعى»: أوباما أدار ظهره لـ«تعزيز الديمقراطية».. ولا أستبعد لجوء المصريين للعنف إذ لم تستجب الحكومة للتغيير - 29 أكتوبر 2010